ما الفرق بين الزكاة والصدقة
الزكاة والصدقة هما مصطلحان يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالعطاء والإحسان في الإسلام. تعد كل من الزكاة والصدقة من الأعمال الخيرية التي يحث الإسلام عليها، وتعكس كلاهما روح التضامن والعدل الاجتماعي في المجتمع الإسلامي. على الرغم من أن كلا المصطلحين يتشاركان الهدف العام للإحسان والمساعدة على الفقراء والمحتاجين، إلا أنهما يختلفان في الطريقة والتفاصيل القانونية والشرعية التي يتم تنفيذهما من خلالها.
مفهوما الزكاة والصدقة
لكل من الزكاة والصدقة مفهومان مختلفان، وهما كما يلي:
ما هي الزكاة؟
يعرّف علماء اللغة الزكاة على أنها الطهارة والبركة في الشيء. ولا يخرج مفهومها عن ذلك في الشرع؛ فهي "الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين، كما تطلق على فعل إخراج هذه الحصة نفسه، وسميت بذلك لأنها تزيد وتنمي المال الذي أخرجت منه، وتقيه الآفات" - من كتاب (فقه الزكاة) لكاتبه يوسف القرضاوي/ بتصرف-
ما هي الصدقة؟
تختلف الصدقة عن الزكاة في الاسم فقط، لكن المسمى واحد. وهما وجهان للإنفاق ابتغاء وجه الله تعالى كما ورد في الآية 103 من سورة التوبة: "خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".
فضل الزكاة والصدقة
الزكاة والصدقة هما عبادتان مهمتان جداً للتقرب من الله تعالى، وتأتي الزكاة مقترنة بالصلاة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، يبلغ عددها 28 موضعاً، أحدها في الآية 55 من سورة المائدة: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَٰكِعُونَ"
كما أنهما تعملان كموردين أساسيين للمال في الدولة الإسلامية، وقد جعلهما الإسلام جزئين مهمين من النظام الاقتصادي الإسلامي. كما تحققان التكافل الاجتماعي، و تؤسسان للنظام الإنساني في المجتمع المسلم، فهي تحيي في قلوب مقدميها الشعور بالتكافل والإنسانية تجاه إخوانهم المسلمين ممن هم بحاجة إلى المساعدة والعون في توفير قوت يومهم.
حكم الزكاة والصدقة
حكم الزكاة
ذكر الله تعالى وجوب الزكاة بأمر واضح في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، وأحد هذه المواضع هي الآية 43 من سورة البقرة: "وَأَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوٰةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّٰكِعِينَ". وصيغة الأمر في القرآن الكريم تفيد الوجوب كما نعلم.
وقد أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع؛ في الحديث النبوي الشريف:
عن أبي أمامة صُدَيّ بن عجلان الباهلي -رضي الله عنه- سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في حجة الوداع، فقال: « اتقوا الله وصلَّوا خَمْسَكُمْ، وصوموا شهركم، وأَدُّوا زكاة أموالِكم، وأطيعوا أُمَرَاءَكُمْ تدخلوا جنة ربكم »، وهذا الحديث يؤكد على أن الزكاة هي أوجب الأركان بعد الصلاة.
ومن الجدير بالذكر أن الزكاة بشكل عام تم فرضها في مكة، وتفصيلها بعد الهجرة النبوية الشريفة، وبيان مصارفها ومقاديرها في السنة النبوية الشريفة.
والعقوبة الشرعية لمانع الزكاة تتمثل في الآية 180 من سورة آل عمران: "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِۦ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ السَّمَـٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"، وقد توعد النبي -صلى الله عليه وسلم- من يمنع الزكاة بالعذاب الشديد يوم القيامة.
حكم الصدقة النافلة
الصدقة النافلة ليست مفروضة، بل يقدمها المسلم تقرباً لله تعالى، ولها أوجه كثيرة، منها الإطعام، والإنفاق، وعمارة المساجد، وكفالة الأيتام.
على من تجب الزكاة والصدقة
تجب الزكاة على المسلم العاقل، والذي يبلغ ما يملكه من مال نصاب الزكاة، وتنطبق على المال الذي يملكه شروط المال الذي تجب فيه الزكاة، وهي كالآتي:
- أن يكون المال ملكاً لمقدم الزكاة؛ أي أنه ليس ديناً أو أمانة استودعها أحد عنده.
- يجب أن يكون المال حلالاً، وقد رُزق به مالكه بأحد الطرق المشروعة؛ وهي العمل أو الميراث أو عقد.
- أن لا يكون المال وقفاً، حتى وإن كان أرضاً أو عقاراً.
- أن يكون المال نامياً أو قابلاً للنماء، أو يكون هو نفسه نماءً يدر على صاحبه الخير؛ فلا يصبح صاحبه بعد الزكاة فقيراً.
- أن يبلغ المال النصاب.
- أن يكون المال فائضاً عن حاجة صاحبه الأصلية؛ أي أنه ليس مما ينفق على نفسه ومن يرعاهم به، فيصبح في ضيق مادي إذا تزكى به.
- أن يمر عليه 12 شهراً في ملك صاحبه، وهذا ينطبق على الأنعام، والنقود، والسلع التجارية.
- أن لا يقدم للأغنياء؛ بل للفقراء الذي يجدون قوت يومهم.
- أن لا ينتقل مال الزكاة من دولة إلى أخرى إلا في حال وجود ضرورة ملحة لذلك.
أما عن الصدقة النافلة؛ فيمكن تأديتها من في أي وقت، ومن أي مال إلا مال الزكاة. وليس لها محددات أو شروط.
ولنلخص ما الفرق بين الزكاة والصدقة، يمكننا القول أن أنواع الصدقة تشمل الزكاة المفروضة، والصدقة النافلة؛ وهي التي يمكنك تأديتها في أي وقت تريد لنيل فضل الصدقة، فكلاهما عملان يقربانك إلى الله تعالى، ويباركان في رزقك في الدنيا، ويزيدان من أجرك في الآخرة. وللتأكد من إخراج الزكاة بشكل صحيح، يجب أن تنطبق شروط المال الذي تجب فيه الزكاة على مالك، ويجب أن تقوم بالزكاة على الوجه الصحيح؛ بتقديمها إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين، ويمكنك طلب مساعدتنا في تكية أم علي لإيصال زكاة أموالك للعائلات الفقيرة.