كفارة الصيام للمريض: مقدارها ومتى يجب دفعها
إن الإنسان معرّض للإصابة بشتى أنواع الأمراض والأوبئة في حياته، ويحتاج جسمه خلال المرض إلى الغذاء، والماء، والراحة، لذا سن ديننا الإسلامي رخَصاً تراعي حاجتنا ووهنَنا في مثل هذه الحالات؛ ومنها كفارة الصيام للمريض، والتي تخفف عنّا حرج الصيام في المرض، وتستوجب علينا الافتداء بقدر من المال أو الطعام بحسب أحكام محددة، سنوضحها وسنشرح مقدارها في هذا المقال.
ما هي كفارة الصيام؟
يقصد بكفارة الصيام (فدية الصوم)؛ المبلغ المالي المُستحق عليك في حال أفطرت نهاراً واحداً أو أكثر من شهر رمضان. يعرّف العلماء فدية الصوم اصطلاحاً بحسب القاموس الفقهي على أنها: ما يقدم للّه عز وجل جزاءً لتقصير في عبادة. والكفارة هنا تُقدّم جزاء لامتناعك عن الصيام بعذر؛ كالسفر والصوم؛ وهو الباب الذي سنتناوله.
الحكمة من مشروعية كفارة الصيام للمريض
المريض هو من خرج جسده عن حاله المعتاد، وأصبح ضعيفاً وغير قادر على أداء مهام يومه، و لأن الإسلام يراعي في أحكامه حاجاتك الإنسانية المختلفة، ويعلم مدى الشقاء الذي قد تمر به خلال مرضك، فقد سنّ كفارة الصيام للمريض في قوله تعالى: "أَيَّامًا مَّعْدُودَٰات فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى اْلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِديةُ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرُ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة، آية 184).
وحتى تجب عليك كفارة الصيام للمريض يتوجّب أن تستوفي الشروط الأساسية لفرض الصيام، وهي أن تكون مسلماً، وبالغاً عاقلاً. ويضاف إلى هذا الشرط الطهارة من الحيض أو النفاس عند المسلمات. ثم يتبعها إفطارك في شهر رمضان بسبب المرض، وتُصنِّف كفارة الصيام الأمراض بحسب ديمومتها إلى قسمين:
الأمراض المزمنة التي لا يمكن الشفاء منها
وهي الأمراض التي تم التحقق من عدم إمكانية شفائك منها، وقد يزيد الصيام من حدتها، ويبطئ من علاجها، وتعاني خلالها من أعراض ومضاعفات بشكل يومي، وتحتاج بسببها إلى تناول الطعام والأدوية خلال فترة النهار.
فإذا كنت مصاباً بأحد تلك الأمراض؛ يُشرع لك أن تدفع كفارة الصيام للمريض؛ عن كل يوم لم تستطع صيامه من شهر رمضان، وهذا ينطبق أيضاً على كبار السن الذين يتعذر عليهم الصيام. وتكون الكفارة في هذه الحالة بإطعام مسكين عن كل يوم صيام مفروض.
الأمراض التي يمكن الشفاء منها
وهي الأمراض المؤقتة والتي يمكن أن تشفى منها، وتعاني خلالها من أعراض ومضاعفات مؤقتة، تزول بعد تلقيك للعلاج أو مع مرور الوقت - مع التذكير بأن حاجتك إلى استخدام قطرة العيون، أو تلقي العلاج بالحقن؛ سواء كانت الحقن وريدية أو عضلية أو غيرها، لا تستوجب إفطارك أبداً. أما حاجتك الملحة إلى العلاج بقطرة الأنف، والأدوية التي تستوجب البلع؛ فإنها مفطرة. ويوجد قولان في حكم كفارة إفطار رمضان في هذه الحالة:
- القول الأول: لا تجب عليك الكفارة ( فدية الصوم)، بل يكفي أن تقوم بقضاء الأيام التي أفطرتها خلال شهر رمضان بعد انتهاء الشهر، وفور استطاعتك.
- القول الثاني: يترك لك الخيار فيما إذا كنت قادراً على الصيام في رمضان أم لا، فإذا قررت أن تفطر؛ عليك أن تقوم بقضاء الأيام التي أفطرتها، أو دفع كفارة الصيام عنها. (3)
ويمكنك أن تنوي قضاء الأيام التي أفطرتها عندما تستطيع القضاء. وتكون النية كما نية الصيام؛ لا تُلفظ ولكن مكانها القلب في فترة السحور أو ما يسبقها من الليل.
مقدار كفارة الصيام للمريض ومتى يجب دفعها
هناك 4 أشكال أجازها الشرع لأداء الكفارة؛ وهي الصيام، والإطعام، والمال، والذبيحة، إلا أن أداء كفارة إفطار رمضان يقتصر على الإطعام فقط. ويقدّم طعام الكفارة لمستحقيه من الفقراء والمساكين. ومقدار كفارة الصيام للمريض هو إطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي أفطرتها، بقدر 600 غراماً من القمح أو الأرز أو ما يساويها من المال.
متى تدفع كفارة الصيام
اختلف العلماء في هذا الشأن، فهناك قولان في هذا الأمر بحسب دائرة إفتاء المملكة الأردنية الهاشمية، وهما:
- القول الأول: يجوز لكبير السن أو المصاب بالأمراض المزمنة أن يدفع كفارة إفطار رمضان عن الشهر بأكمله في بدايته، أو تأخيرها إلى آخر الشهر.
- القول الثاني: يجب دفع كفارة إفطار رمضان عن كل يوم تفطره في اليوم ذاته؛ قبل طلوع الفجر أو بعده، أو تدفعها كاملة في نهاية الشهر؛ عن جميع الأيام التي أفطرتها، ولا يجوز لك أن تدفعها في بداية الشهر عن الأيام القادمة.
وبالرغم من اختلاف العلماء بموعد وجوب دفع كفارة إفطار رمضان بالإطعام، إلا أن حكم دفعها ثابتٌ في الوجوب. وعليك أخي المسلم بأن تلتمس الصواب وتتأكد من استحقاق من تدفع هذه الكفارة له. لذا نحن في تكية أم علي نعينك في إيصال كفارة الصيام للمريض إلى مستحقيها.