فضل الصدقة اليومية وآثارها على المجتمع
الصدقة، هي مفهوم حيوي ومهم في الإسلام، تتمثل بمنح الفقراء والمحتاجين المال أو الاحتياجات العينية من الطعام والشراب والملبس وغيرها من الأمور؛ بنية نبيلة للتقرب إلى الله ولأداء واحد من أهم المبادئ الأساسية في الإسلام، وهي الزكاة. وبينما يمكن أن تأخذ الصدقة أشكالاً متعددة، بما في ذلك توفير الماء، وبناء أماكن العبادة والتعليم، ودعم الأيتام، يكشف هذا المقال فضل تضمين الصدقة اليومية في حياة الإنسان اليومية.
1. الصدقة تعجل بالشفاء وتدفع البلاء
شدد النبيّ محمد (صلى الله عليه وسلم) على فضل الصدقة كوسيلة للشفاء، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "داووا مرضاكم بالصدقة"، مشيرًا إلى أن هذا الفعل الخير لا يساعد فقط في علاج الأمراض ولكنه أيضاً يعمل كوسيلة لفك الكربات. علاوة على ذلك، أشار النبيّ إلى أهمية الصدقة في قدرتها على جعلك أقرب إلى الله تعالى، وترفعك إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم.
2. الصدقة تبعد البلاء والكوارث عن أهلها
يعيش الإنسان في كبد، والمسلمون المؤمنون يعلمون أن الحياة الدنيا اختبار لإيمانهم، لذا شدد النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- على أهمية تقديم الصدقة لمستحقيها؛ فهي تبعد البلاء عن مقدميها. فهذا الفعل لا يظهر إيمان المرء القوي فقط؛ بل هو تعبير عن الامتنان لله، القادر على قلب الموازين، ورد الشر، ومنع الخير؛ فهو القادر فوق عباده.
3. الصدقة باب لخير الدنيا والآخرة
على عكس الاستثمارات التقليدية التي يطمح لها البشر، تعد الصدقة وعدًا بمكاسب تتجاوز العالم المادي بما فيه من ملذات فانية؛ فالله يعد بزيادة الرزق وبركته، وتيسير النجاح في هذه الحياة والآخرة لعباده المؤمنين، وأولئك الذين يشاركون في أعمال الخير. أي أنه استثمار روحي يعود بالأجر والنعيم على صاحبه في حياتيه؛ الدنيا والآخرة.
4. الصدقة تمحو الذنوب
في يوم القيامة، سيحاسب الناس على ذنوبهم الكبيرة والصغيرة. لهذا يقدم المؤمنين الصدقة تطهيراً لذنوبهم وأنفسهم؛ حيث قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار." فهي وسيلة لنيل مغفرة الله تعالى.
5. الصدقة تصل بصاحبها إلى أعلى مراتب الجنة
إخفاء الصدقة يعتبر مفتاحاً للجنة؛ فباب الصدقة هو واحد من ثمانية أبواب إلى الجنة، ويسمح بدخوله فقط للمؤمنين الذين كانوا ينفقون في سبيل الله؛ فهذا العمل الصالح قادر على منح صاحبه النعيم الأبدي.
6. الصدقة تظل صاحبها يوم القيامة
في يوم القيامة، عندما تشتد حرارة الشمس والناس أفواج ينتظرون حسابهم، يأمل المؤمنون أن يجدوا الظل تحت عرش الرحيم الكريم، يوم لا ظل إلا ظله، فيكون ذلك للمؤمنين المتصدقين؛ الذين اشتروا الآخرة بكل متاع الدنيا وملذاتها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس."
7. الصدقة تطهر النفس
سير المؤمن نحو البر والآخرة يتضمن تطهير الذات من خلال العبادة والحث على الصدقة؛ فالمال والرزق الكثير يمكن أن يكونا اختباراً من الله، وكيفية إنفاق المسلم له لها دور كبير في تقربه من الله ونجاحه في هذا الامتحان، كما أن أداء الصدقة يقتل وساوس النفس ورغباتها الدنيوية، ويقلل حبها للمال وملذات الدنيا الفانية.
8. الصدقة مرتبطة بالدعاء
يتقرب المسلمون إلى الله تعالى راجين قبول دعائهم بفضل أعمالهم الصالحة، بما في ذلك الصدقة، ومن القصص الكثيرة عن أناس تقبل الله دعواتهم بسبب أعمالهم الجيدة هم أصحاب الكهف الذين دعوا الله، واستجاب الله لهم بأعمالهم الصالحة، مما يؤكد فعالية الصدقة الخفية في كسب رضى الله تعالى.
9. الصدقة تحقق العدالة الاجتماعية وتعود بالفائدة على المجتمع
الصدقة تتجاوز تقديم العون بالمال أو المواد العينية فقط! فأي عمل فيه شيء من اللطف هو صدقة؛ كالابتسامة أو مساعدة الآخرين، فهما من أشكال الصدقة التي تعزز أواصر المجتمع، وتدعو إلى العدل والتراحم بين المسلمين. شدد النبي محمد على أهمية مثل هذه الأعمال، مؤكدًا على أنها قادرة على رفع رفاهية المجتمع بأكمله.
10. الصدقة رحمة للعباد بعد الموت
الصدقة الجارية هي وسيلة للمسلم للتقرب من الله تعالى، ودوام عمله الصالح إلى اليوم الآخر؛ حيث يمكنه كسب الأجر حتى بعد وفاته. وأكد النبي محمد على أن ثلاثة أشياء تبقى للمسلم بعد وفاته، وهي: الصدقة الجارية، والعلم النافع، والذرية الصالحة التي تدعو له حتى بعد موته.
طريقة أداء الصدقة الصحيحة
جعل الصدقة اليومية جزءاً من حياتك يعود عليك بالعديد من الفوائد الروحية والأخلاقية والاجتماعية؛ إذ أنها مصدر للشفاء ودافعة للبلاء ومطهر للنفس من أهوائها، وبناءً على هذا الفضل العظيم، يُحثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بشدة على بناء مجتمع متكافل ومتراحم بين المسلمين بالصدقة.
كما تتبنى العديد من المؤسسات مثل تكية أم علي فضل الصدقة وفوائد الصدقة اليومية كرؤى لها لبناء مجتمع مسلم متراحم، حيث تقدم مساعدات غذائية ومادية للمحتاجين. ومن خلال دعم مثل هذه المبادرات، يساهم أفراد المجتمع في بنائه وفقاً لأسس الرحمة والعدالة التي يحثنا عليها الإسلام، ويمتثلون لتعاليمه، ويحصدون ما وعدهم الله به في الدنيا والآخرة بإذن الله عز وجل.